تأثير الصداقات على تحسين الصحة العقلية

يقولون: "الأصدقاء هم العائلة التي نختارها بأنفسنا"، وفي هذا القول كثير من الصحة؛ فالكثيرون منَّا يعدُّ الصديق ملجأه الآمن وحضنه الدافئ في الأزمات؛ ولهذا فإنَّ تأثير الصداقات في تحسين الصحة العقلية من الموضوعات الهامة التي يجب التطرق إليها، فالصداقات ليست مجرد علاقات سطحية؛ بل تحمل في طياتها أهمية كبيرة في تعزيز صحتنا العقلية والنفسية.



قد يتساءل كثير من الأشخاص عن السبب الذي يجعل الصداقات ذات أهمية بالغة، والإجابة تكمن في الدور الحيوي الذي تؤديه الصداقات في تحسين مزاجنا، وتخفيف ضغوطات الحياة علينا، ومشاركتنا الأزمات، وتعد علاقات الصداقة مصدراً قوياً للدعم العاطفي، والتواصل الاجتماعي، وتساهم في دعمنا بالأوقات الصعبة، وتشجعنا على تحقيق أهدافنا.

كيف تؤثر الصداقات في الصحة العقلية؟

الصداقات هي علاقات قوية وهامة في حياتنا، فلا يمكن لأي إنسان العيش وحيداً بمعزل عن الآخرين، وفي حال لم يتمكن من تكوين صداقات جيدة؛ فإنَّ هذا يؤثر بشكل كبير في حياته ويشعر بالحزن والوحدة وعدم الكفاءة، ووجود الصداقات حقيقة تؤثر بشكل إيجابي في الصحة العقلية للإنسان، وفي حالته النفسية، وفي مزاجه؛ لأنَّك عندما يكون لديك أصدقاء يدعمونك ويشجعونك؛ فإنَّ هذا يساعدك على بناء الثقة بالنفس، والاعتزاز بالذات.

يساهم وجود الأصدقاء في حياتنا في التغلب على الشكوك والمخاوف التي تراودنا، كما تساعد الصداقات الجيدة على تعزيز صورتنا الإيجابية تجاه أنفسنا، ولا ننسى دور الصداقات الكبير في زيادة فرص الترفيه وأجواء الفرح، فتجلب الصداقات الجيدة كثيراً من المتعة والسعادة إلى حياتك.

يمكنك الاستمتاع بالوقت المشترك والضحك مع الأصدقاء؛ وهذا يؤدي إلى تحسين المزاج والشعور بالبهجة، وبشكل عام، الصداقات القوية والصحية تساهم في الصحة العقلية الجيدة والاستقرار العاطفي، ولكن يجب أن نتذكر أنَّ العلاقات السامة أو غير الصحية قد تكون مضرة بالصحة العقلية؛ لذا يجب الاهتمام بالحفاظ على علاقات صحية ومتوازنة.

العلاقة بين الصداقات والصحة العقلية:

وجود صداقات قوية ومتواصلة يكون لها تأثير كبير في الصحة العقلية، وفيما يأتي بعض أهم النقاط التي تظهر العلاقة بين الصداقات والصحة العقلية:

  • وجود الأصدقاء يساهم على تقديم الدعم النفسي وفهم مصدر هام للدعم العاطفي والاجتماعي؛ فعندما تواجه صعوبات، أو تحديات في الحياة، يكون لديك أصدقاء يستمعون إليك ويقدمون الدعم والتشجيع، وهذا يقلل من الضغوطات النفسية ويعزز الشعور بالراحة والارتياح.
  • تتيح الصداقات للشخص فرص التفاعل الاجتماعي وتنشيط العقل، والانخراط في نشاطات مشتركة، هذا ما يمكنه أن يحفز العقل، ويوفر نشاطاً عاطفياً وعقلياً هاماً، ويعزز التواصل والمشاركة في نشاطات مع الأصدقاء الحالة المزاجية، ويحسن العمل المعرفي والأداء العقلي.
  • يمكن للصداقات المقربة أن توفر المشاعر الدافئة والعاطفة الإيجابية، والحب والرعاية والتعاون الذي يتمتع به الأصدقاء، يعزز الرفاه العاطفي، ويقلل من الشعور بالوحدة والعزلة، وهذا له أثر كبير في الصحة العقلية.
  • تحدي العزلة الاجتماعية للأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية، أو الانطوائية؛ تكون الصداقات جسراً للتواصل والاندماج في المجتمع.

بشكل عام الصداقات الإيجابية والمغذية تؤدي دوراً هاماً في الحفاظ على الصحة العقلية والرفاهية العامة، ومع ذلك يجب أيضاً أن تكون الصداقات صحية ومتوازنة، وينبغي أن تتماشى مع الاحتياجات والقيم والأهداف الشخصية.

ما هي فوائد وجود الصداقات في حياتنا؟

يمنحك وجود صداقات حقيقية في حياتك عدة فوائد هامة، وسنذكر فيما يأتي بعضاً من هذه الفوائد التي ستُظهِر بوضوح تأثير الصداقات في تحسين الصحة العقلية والنفسية للأفراد:

1. الدعم العاطفي:

يعد الدعم العاطفي من أهم فوائد وجود الصداقات في حياتنا، فيشارك الأصدقاء المقربون الأوقات الصعبة ويقدموا لك الدعم العاطفي، ويتمثل ذلك في الاستماع إلى مشكلاتك ومشاعرك وتقديم المشورة والتشجيع، وهذا يساعدك على التعامل مع التحديات بشكل أفضل ويخفف من الضغوطات النفسية.

شاهد بالفديو: 7 أنواع من الأصدقاء ابتعد عنهم تماماً

2. الشعور بالانتماء:

تساعدك الصداقات الحقيقية على الشعور بالانتماء والاندماج في المجتمع، وإنَّ الأصدقاء الذين يفهمونك ويدعمونك يمكنهم أن يخلقوا بيئة آمنة ومريحة، فيشعر الشخص بالقبول والتقدير.

3. السعادة والمرح:

إحدى الفوائد الكبيرة للصداقات الحقيقية هي القدرة على الاستمتاع باللحظات السعيدة، ومشاركة الضحك والمرح، ويساهم وجود الأصدقاء في إضفاء الإيجابية على حياتك ورفع معنوياتك.

4. النمو الشخصي:

تساعدك الصداقات الحقيقية على النمو الشخصي والتطوير، ويمكن للأصدقاء دعمك في تحقيق أهدافك وتحفيزك لأخذ خطوات إضافية في حياتك العملية والشخصية، كما يمكنهم أن يقدموا لك وجهات نظر مختلفة وتحديات لمساعدتك على التطور والتعلم.

5. التسلية والترفيه:

يوفر لك الأصدقاء فرصة للتسلية والترفيه، ويمكنك القيام بنشاطات مختلفة معهم مثل: الرحلات والسفر وحضور الفعاليات، وهذا يمنحك فرصة للتخلص من الروتين اليومي والاستمتاع بوقتك.

لا شك أنَّ الصداقات الحقيقية تضيف قيمة كبيرة لحياتنا، وتؤثر بشكل إيجابي في صحتنا العقلية والعاطفية؛ لذلك قابل الأشخاص واستمر في إنشاء العلاقات وحافظ عليها بعناية.

إقرأ أيضاً: 4 أمور تجعلك تعرف ماهي الصّداقة

كيفية بناء صداقات صحية وداعمة:

لبناء صداقات صحية وداعمة، يمكنك اتباع النصائح الآتية التي قد تكون إجابة عن تساؤلك عن كيفية بناء صداقات صحية وداعمة:

1. ابحث عن أصدقاء يشبهونك:

حاول البحث عن أشخاص يشتركون معك في الاهتمامات والهوايات، قد تكون المجموعات المحلية، أو النوادي الاجتماعية أماكن جيدة للبحث عن أشخاص يشتركون في نفس اهتماماتك.

2. كن متاحاً ومبادراً:

حاول الوقوف منفتحاً للتعرف إلى الآخرين، وكن متعاوناً في إقامة التواصل، وقد تحتاج إلى القيام بخطوة إضافية للتواصل، ودعوة الآخرين للخروج، وقضاء وقت ممتع معاً.

3. استمع بعناية:

عندما تكون في حديث مع صديقك المحتمل، استمع بعناية لما يقوله، واستمتع بالاهتمام به والتفاعل معه، من ثم اطرح عليه الأسئلة للتعرف بشكل أفضل، وإظهار اهتمامك الحقيقي بشخصيته.

4. كن صادقاً وموثوقاً به:

تقوم الصداقات الصحية على الثقة والصداقة الحقيقية؛ لذا كن صادقاً وواثقاً بهم، ولا تستخدم الخداع أو الزيف في علاقتك معهم.

5. تتبَّع التواصل:

للحفاظ على علاقات صحية وداعمة، تأكد من التواصل المنتظم مع أصدقائك؛ لذا اتصل بهم بانتظام، وأرسل لهم رسائل تشجيعية، واهتم بأحوالهم.

6. كن متسامحاً ومتفهماً:

قد تواجه بعض الصعوبات في علاقات الصداقات؛ لذا يجب أن تكون متسامحاً ومتفهماً مع الآخرين، وحاول فهم وجهات نظرهم وتجاوز الخلافات بطريقة بناءة.

7. ادعم وشجِّع الآخرين:

كوِّن صديقاً داعماً، وقف بجانب الآخرين في الأوقات الصعبة، وقدم المساعدة والتشجيع والدعم عندما يحتاجون إليه.

في النهاية من الضروري أن تكون مثلاً جيداً لصديقك المحتمل وأن تهتم به، واحتياجاته، واستثمر الوقت والجهد في بناء علاقات صحية وداعمة، وصدقني ستستمتع بفوائدها على الأمد الطويل.

شاهد بالفديو: 8 طرق لبناء الثقة في العلاقات

النشاطات التي تعزز صحة الصداقات والصحة العقلية:

يمكنك ممارسة بعض النشاطات مع أصدقائك لتعزيز صداقتكم بهم، وفيما يأتي بعض الأفكار:

1. القيام بنشاط رياضي مشترك:

من الممكن بهدف ممارسة النشاطات التي تعزز الصداقات والصحة العقلية، القيام بالتمرينات الرياضية معاً مثل: الركض، ركوب الدراجات، أو التسلق، وتساعد هذه النشاطات على تعزيز الروح الجماعية وتحفيزكم بشكل مشترك.

2. تنظيم لعبة أو بطولة رياضية:

نظموا مسابقة في لعبة تحبونها مثل كرة السلة، أو كرة القدم، أو التنس، ستكون هذه الفعالية ممتعة وتتيح لكم فرصة للتعاون، والمنافسة مع بعضكم بعضاً.

3. القيام برحلة أو نزهة:

التخطيط لرحلة يومية، أو نزهة في الطبيعة من النشاطات التي تعزز صحة الصداقات والصحة العقلية، فقد تكون هذه الفرصة مثالية للتفاعل ومشاركة الأحاديث والوقت الممتع معاً.

4. حضور فعاليات ثقافية أو فنية:

زوروا معرضاً فنياً، أو احضروا عرضاً مسرحياً، أو حفلة موسيقية، فيمكن لهذه النشاطات أن تثير الحوار وتجعلكم تشاركون في تجربة ثقافية مشتركة.

5. إقامة أمسية ألعاب:

قوموا بتكوين فرقة، والعبوا بألعاب اللوح الاجتماعية مثل الشطرنج، أو لعب الورق؛ فتمنحكم هذه الألعاب فرصة للتواصل والتفاعل مع بعضكم بعضاً بشكل ممتع.

6. تنظيم وجبة مشتركة:

حضروا وجبة مفضلة لديكم معاً، سواء كان ذلك طهياً في المنزل، أم تناولها في مطعم، فتمنحكم هذه الفعالية فرصة للدردشة والاستمتاع بوقتكم في بيئة مريحة.

هذه مجرد بعض الأفكار، ويمكنك تخصيصها وفقاً لاهتماماتكم المشتركة، والأمر الأهم هو قضاء وقت ممتع معاً والتفاعل وبناء ذكريات مشتركة، وهذا ينعكس مباشرة على حالتكم النفسية وصحتكم العقلية بشكل إيجابي؛ لأنَّ شعور الإنسان بوجود أشخاص إلى جانبه، يشاركونه الاهتمامات والنشاطات والأفكار ويقدمون الدعم له، هو من الأمور المفيدة جداً له.

إقرأ أيضاً: كيف تكوّن صداقات ناجحة إلى الأبد؟

في الختام:

لقد تحدَّثنا عن تأثير الصداقات في تحسين الصحة العقلية، ويظهر بوضوح أنَّ الصداقات القوية تساعدنا على التغلب على الضغوطات اليومية، والتحديات النفسية التي نواجهها، فيقدم الأصدقاء الدعم العاطفي والتشجيع لنا، ويشاركوننا الأفراح والأحزان؛ وهذا يخفف عنَّا الضغط، ويجعلنا نشعر بالانتماء والقُرب.

ناهيك عن أنَّ الصداقات تساهم في تحسين صحتنا العقلية بشكل عام؛ فتساعدنا على مواجهة الاكتئاب والقلق، ويعدُّ الحديث والتفاعل المستمر مع الأصدقاء عاملاً هاماً للحفاظ على حالة إيجابية، وتقليل مستويات التوتر والاكتئاب، إضافة إلى ذلك تساعد الصداقات أيضاً على تطوير قدراتنا الاجتماعية، وزيادة شعورنا بالثقة بالنفس؛ فعندما نكون محاطين بأشخاص يدعمونا ويقدِّروننا، نشعر بالارتياح والثقة في التعامل مع الآخرين؛ وهذا يعزز شخصياتنا ويساعدنا على بناء علاقات إيجابية أخرى.

لذا يجب أن نولي الصداقات الاهتمام الكافي، ونعمل على بناء علاقات قوية، ومستدامة مع الأشخاص الذين يشعروننا بالسعادة والراحة، والاستثمار في الصداقات يعني الاستثمار في صحتنا العقلية والرفاهية الشخصية.




مقالات مرتبطة